500 جنيه مصري للزواج بسورية! - الصحفية سوسن أبو ظهر

نشرت جريدة النهار اللبنانية مقالا بعنوان (500 جنيه مصري للزواج بسورية) كاتب المقال الصحفية (سوسن أبو ظهر) نشر بتاريخ (22أيار 2013 الساعة 11:28)

يقترب مصري من سوري في باحة مسجد الحصري في القاهرة. يقول :"أبحث عن زوجة. هل هناك نساء سوريات في الجوار". يصمت السوري ويحيل السائل على لافتة علقت في المكان تنفي صلة جمعية تابعة للمسجد "من قريب أو بعيد" بهذه المسألة. وحين ينصرف طالب الزواج، يقول السوري لصحافي غربي في المكان :"يسألوننا عن مكاتب الزوجات. كأنهم يشترون دجاجة. نساؤنا لسن للبيع. نحن هنا لأننا لا نريد الموت ذبحاً في بلادنا". الحال ليست فردية، بل صارت ظاهرة تطرق إليها المجلس القومي للمرأة الذي رصد 12 ألف زواج بين مصريين وسوريات. واسترعى الانتباه أنه صنفها في خانة الاتجار بالبشر، ذلك أن الزواج يتم أحياناً في مقابل 500 جنيه. وأشار إلى أن معظم الحالات تحدث في مدن "6 اكتوبر" والقاهرة الجديدة و"العاشر من رمضان"، وفي محافظات الاسكندرية وبني سويف الدقهلية والغربية وقِنا. 12 ألف سورية. الرقم كبير، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار عدد النازحين السوريين إلى مصر، وهو يتراوح بين مئة ألف إلى 120 ألفاً، كما قال مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية ناصر كامل في نيسان. ومن المفارقات أن وزارة العدل المصرية أحصت 170 زواجاً فقط بين كانون الثاني 2012 وآذار 2013. ولا بد من التسجيل أن للظاهرة في مصر جوانب تختلف عما يحدث في مخيم الزعتري في الأردن. فالرجال هنا ليسوا أثرياء عرب، بل شبان ضاقت بهم سبل العيش في بلادهم وعجزوا عن تأمين متطلبات زوجة مصرية، من "الشبكة والمهر والشقة". غير أن ذلك لا ينفي تحولها تجارة تقوم على العرض والطلب، والعمولات والسمسرة، يشارك فيها مصريون وسوريون ورجال دين، وضحاياها فتيات ونساء يسقطن في فخ "السترة" ليجدن أنفسهن زوجات بحقوق شبه معدومة ومن دون أوراق رسمية توثق هذا الارتباط. قرب أحد مساجد دمنهور، وزع
منشور. الشركة توفر "آنسات، مطلقات، أرامل" هن "أخوات ملتزمات محجبات ومنتقبات وسوريات". وكل ذلك يتم "بسرية" و"جدية في التعامل". وفي قِنا أشرف مشايخ سلفيون شروط على هذه الزيجات. وفي حالات قدم رجال خمسة آلاف جنيه للعروس الجميلة والشابة. وبين الزوجات "أرامل مجاهدين". وروت امرأة أنها قبلت بزوج مصري لحماية بناتها، مع أنها تجهل مصير زوجها الذي يقاتل في صفوف "الجيش السوري الحر". وقالت إن أحد رجال الدين أخبرها أن ارتباطها الجديد "حلال" حتى يظهر زوجها الأول! ودفع ذلك رئيس قسم الشريعة بكلية الحقوق في جامعة حلوان رشدي أنور شحاتة إلى التحذير من ظاهرة تعدد الأزواج وما قد ينتج عنها لاحقاً من مشاكل في إثبات النسب. ووافقه رجال دين آخرون بأن "زواج السترة" يخالف المقاصد الإسلامية للارتباط. لكن الظاهرة استمرت. صحيفة "المصريون" نشرت تحقيقات مطولة لرصد ما اعتبرته "اغتصاباً شرعياً" و"حرفة للربح على حساب الضحايا". وسلطت الضوء على القصور الرسمي الذي ساهم في تفشي هذه الظاهرة. إذ تروي السورية منار زنان أن "السلطات المصرية وضعتننا في مساكن بطريق الواحات في 6 أكتوبر. إنها أماكن غير آدمية. تتعرض فيها الأسر للمساومة على تزويج بناتهن من العاطلين عن العمل والبلطجية، أو المشايخ السلفيين الذين كانوا يأتون بحجة مساعدتنا ويعرضون علينا الزواج". وفي المقابل، اتهم معارض سوري في حديث مع "اليوم السابع" المخابرات السورية بتضخم المسألة للنيل من "شرفاء الثورة وكرامة الحرائر". كرامة تُهدر في كل مكان بعيداً من الوطن